إذا نظرت حولك الآن أياً كان مكانك سوف ترى حولك ابتكارات وانجازات تأخذها أنت على نحو مسلم به في حين أنها كانت يوماً ما مجرد أفكار أو حتى أحلام في رأس شخص ما منذ سنوات أو عقود. عالمنا بالكامل مبني على الأفكار ومازال ينمو ويتطور بناءاً على الأفكار. أثناء طفولتي، على سبيل المثال، كان تصور شخصاً ما يتحدث على هاتف نقال يحمله معه أينما ذهب درب من دروب الخيال العلمي. الآن وبعد بضعة عقود لم يصبح هذا الأمر واقعاً فحسب، بل هو من أساسيات طبيعة الحياة اليومية لكل فرد في العالم. اليوم لم تصبح فقط الهواتف الذكية والساعات الذكية أشياء مسلم بل يتجه العالم أيضا نحو التوسع في تطبيق مفهوم انترنت الأشياء او ما يعرف بال IoT حيث تتمكن الأجهزة من التواصل مع بعضها دون تدخل بشري.
قياساً على ذلك، ستتمكن من رؤية أحلام وأفكار العديدن عبر القرون متواجدة الآن في مكتبك أو غرفتك.
رغم أن بعض هذه الأفكار تجد الطريق المناسب لتتحقق وتصبح واقعاً، يتعثر البعض الآخر ولا يتخطى مساحة تفكير أصحابها. ما يشغل تفكيري وربما يحزنني أحياناً هو أن أرى بعض هذه الأفكار الرائعة لا تدخل حيز التنفيذ أو تتعثر في المراحل الأولية من تنفيذ المشروعات المبنية عليها.
عالمنا اليوم مليء بالأفكار المبتكرة لمنتجات أو مشروعات بإمكانها أن تضيف قيمة حقيقية للمستهلكين بالإضافة إلى تحقيق النجاح والربح لصاحبها، ولكن قد لا تحصل تلك الأفكار على فرصة بسبب عدم معرفة أصحابها كيفية تطوير نموذج عمل ربحي business model. في هذا المقال سوف أشرح لك خطوة بخطوة كيف تبدأ في تحويل فكرتك إلى مشروع ناجح قادر على تحقيق دخل ورأرباح عن طريق بناء وتطوير نموذج عمل متكامل لمشروعك المستقبلي.
نموذج عمل المشروع: نهدف إلى الإجابة على السؤال الأساسي
نموذج عمل المشروع هو حجر الأساس في خطة الأعمال business plan لأنه يجيب عن تساؤل جوهري وهو: ما هي القيمة التي سيقدمها المشروع لشريحة العملاء المستهدفة؟
للإجابة على هذا التساؤل يجب علينا أن نفهم مكونات نموذج العمل التجاري لنستطيع تحليل كل منها على حدة.
مكونات نموذج عمل المشروع
كما خمنت من العنوان، فإن مكونات نموذج عمل المشروع هي اللبنات الأساسية التي يوضح كل منها جانب معين من نموذج العمل حتى تستطيع في النهاية جمعها معاً للحصول على الصورة الكاملة لنموذج عمل مفصل ومتكامل. يجب أن يحتوي أي نموذج عمل على 9 جوانب سأقوم بشرحها في الجزء التالي من هذا المقال.
لكن قبل استعراض مكونات نموذج عمل المشروع، يجب أن نتوقف أولاً عند الثلاث عناصر الرئيسية التي تصنف تحتها مكونات نموذج العمل التسعة لكي نتمكن من فهم المشروع بشكل شامل في ظل هذه العناصرالثلاث:
1- عنصر الرغبة
عنصر الرغبة في نموذج عمل المشروع لا يرتكز -بالطبع- على رغبتك أو رغبة فريقك في عمل المشروع أو إطلاق المنتج الذي تخطط لإنتاجه، وإنما يختص بجوانب المشروع ومكونات نموذج العمل التي تعبر عن رغبة العملاء في الحصول على القيمة التي سوف يقوم المشروع بتقديمها في السوق عن طريق المنتج أو الخدمة التي سينتجها. بالتالي، يعد السؤال الرئيسي لهذا العنصر هو: هل يريد العملاء القيمة المقترحة من مشروعك؟
قد توجد العديد من العوامل التي تؤدي لرفض العملاء القيمة التي سوف يقدمها المشروع مثل أن يكون السوق غير مستعد لتقبل المنتج الذي سوف تنتجه بغض النظر عن أهمية القيمة المقدمة كما حدث مع نظارة جوجل او Google Glass التي انتجها عملاق التكنولوجيا في عام 2012 بقدرات تكونولجية أعلى من رغبة العملاء مما أدى إلى فشل المنتج والمشروع.
بالتالي، فإن معرفة وإدارة العملاء واحتياجاتهم بشكل ناجح عن طريق مكونات شرائح العملاء وادارة العلاقة مع العملاء وقنوات التواصل في نموذج العمل تعد في غاية الاهمية، ليس فقط من أجل الحصول على قيمة عالية وميزة تنافسية ولكن أيضاً لتحقيق لتوازن في القيمة التي سوف يعرضها مشروعك وتجنب المبالغة في تلك القيمة بما قد يؤدي برفض العملاء لها.
2- عنصر الجدوى
عنصر الجدوى في نموذج العمل يجب أن يجيب على تساؤل: هل نستطيع عمل هذا المشروع؟ بمعنى آخر، هل يمكن لفريقك تقديم القيمة المقترحة للعملاء؟
تفشل العديد من الأفكار الجيدة لأسباب تتعلق بنقص الموارد أو عدم القدرة على العثور على الشركاء المناسبين لتحقيق جدوى المشروع. لهذا، لا تكفي الفكرة الجيدة وحدها لإنجاح المشروعات. يجب عليك أن تدعم هذه الفكرة عن طريق التخطيط المفصل لمكونات للأنشطة الأساسية، والموارد، والشركاء للمشروع بالإضافة إلى تعريف وتحديد عرض القيمة التي سوف يقدمها المشروع لشرائح العملاء. سوف نعرض هذه المكونات بشكل مفصل لاحقاً، لكن ما يجب أن تعرفه الآن هو أن عنصر الجدوى في نموذج عمل المشروع سوف يخبرك ما إذا كان بإمكانك تنفيذ هذا المشروع أم لا.
3- عنصر القابلية للنمو (الربح)
نصل الآن إلى العنصر الثالث بعد أن تأكدت من أن مشروعك مرغوب من العملاء وقابل للتنفيذ وهو عنصر القابلية للنمو عن طريق تحقيق الربح. يجيب هذا العنصر عن تساؤل: هل يستحق المشروع التنفيذ؟
عنصر الربح في مخطط نموذج العمل التجاري يجب أن يحدد القدرة على تحقيق الهدف الأساسي من أية مشروع وهو القدرة على تحقيق الأرباح.
من البديهي أن حساب الأرباح يتم عن طريق خصم تكاليف عمل المشروع من الدخل الذي حققه المشروع. لذا فإن هذا العنصر يهتم بمكونين فقط من نموذج العمل التجاري وهما هيكل التكاليف والدخل. عن طريق هذين المكونين ستتمكن من معرفة ما إذا كان مشروع سوف يحقق أرباح بشكل مبدئي أم لا وبالتالي ستتمكن من الإجابة عن تساؤل ما إذا كان المشروع يستحق التنفيذ.
من البديهي أيضاً أن أية مشروع تجاري لن يحقق ربح لا يستحق الجهد الذي سوف تبذله لتنفيذه. لكن يجب أيضاً أن تفكر في مستوى الربح الذي يجعل المشروع مستحق للتنفيذ من وجهة نظرك. فمثلاً إذا كان الربح ضئيل لدرجة لا تسمح بالتوسع في المستقبل لرفع قيمة ودخل المشروع، قد لا يستحق هذا المشروع التنفيذ على الرغم من قدرته على تحقيق بعض الارباح.
الآن، أصبحت لديك فكرة واضحة عن العناصر الثلاث التي تندرج تحتها مكونات نموذج عمل المشروع التجاري وعن الاسئلة التي يجب أن تجيب عليها هذه العناصر. فماذا عن ال 9 مكونات الرئيسية لمخطط نموذج عمل المشروع؟
1- شرائح العملاء
من أكبر الأخطاء التي يمكن أن ترتكبها كصاحب فكرة أو مشروع ناشئ هو أن تفترض أن المنتج أو الخدمة التي سيقدمها مشروعك يمكن أن تكون مناسبة لجميع البشر حول العالم أو حتى في بلدك. لتجنب هذا الخطأ الفادح، تذكر القاعدة البسيطة التي تنص على أنه ليس بإمكان أي شخص إرضاء الجميع في كل مكان. وهنا تظهر أهمية شرائح العملاء
عند تطوير نموذج العمل الخاص بمشروعك، يجب عليك تحديد شريحة معينة من العملاء هي التي سترغب في شراء منتجك.
كيفية تحديد شرائح العملاء الخاصة بمشروعك
في رأيي، يعد تحديد شرائح العملاء من أهم مكونات نموذج العمل إن لم يكن أهمها على الإطلاق. السبب في ذلك هو أن هذا المكون سوف يقوم بتحديد الاتجاه الذي تريد توجيه القيمة التي يقدمها مشروعك إليه وبالتالي يسمح بتعديل أو تطوير هذه القيمة بناءاً على اتجاهها.
توجد عدة طرق لتقسيم السوق وتحديد شرائح العملاء المختلفة والتي يمكنك فيما بعد اختيار الشريحة الأساسية التي ستستهدفها القيمة المقدمة من مشروعك. سأعطيك الآن فكرة سريعة عن الطرق المختلفة لتقسيم شرائح العملاء:
أ. يمكنك تقسيم شرائح العملاء بناءاً على التركيبة السكانية، الموقع الجغرافي، أو التركيبة النفسية أو ما يعرف بتصرفات المستهلكين. فعلى سبيل المثال يمكن أن تصمم منتجاً موجهاً لفئة عمرية معينة، أو لجنس معين، أو لسكان مناطق بعينها، أو لأشخاص يمارسون تصرفات معينة. فمثلاً يمكن أن يستهدف منتجك شريحة عمرية كطلاب الجامعات (منتج نسكافيه 3×1)، أو منتجات العناية الشخصية التي تستهدف النساء فقط أو الرجال فقط، أو نوع قهوة معين سيستهدف بالتأكيد الأشخاص الذين يشربون القهوة (سلوك) وهكذا.
كما يمكنك أن ترى من مثال شاربي القهوة (سلوك) وطلاب الجامعات (فئة عمرية)، فإنه بإمكانك استخدام عدة معايير مختلفة في ذات الوقت لتحديد شؤيحة العملاء التي سوف يستهدفها منتجك.
ب. بإمكانك أيضاً تحديد شرائح العملاء عن طريق المنتج ذاته. فمثلاً يمكنك أن تحدد إذا كان هذا المنتج سيتم استخدامه من قبل جموع كبيرة من الجمهور أم هو مصمم لتستخدمه فئة محدودة. فمثلاً المطورين العقاريين الذين يعرضون فيللات للبيع مقابل عدة ملايين يستهدفون شريحة عملاء محدودة بشكل بديهي، بينما المقابر للجميع.
ج. يمكنك أيضاً اختيار تقسيم شرائح العملاء باستخدام طرق التقسيم المركز أو التقسيم المتنوع. والتقسيم المركز هنا يعني أن تضع كل تركيزك في شريحة عملاء واحدة محددة، بينما التقسيم المتنوع يسمح لك باختيار عدة شرائح لتوجيه المنتج، وبالتالي التسويق، إليها.
نصيحتي لك هنا هو أن تركز على شريحة واحدة في بداية تأسيس مشروعك حتى تتجنب الارتباك الذي قد يسببه التقسيم المتنوع لمشروع وليد.
د. آخر طريقة تقسيم لشرائح العملاء هي التقسيم متعدد الجوانب الذي يناسب مشروعات الاقتصاد التشاركي مثل Uber و Airbnb. في هذه الحالة يكون لدى المشروع جانبين أو أكثر من العملاء المستهدفين مثل مالك السيارة\الراكب أو مالك المنزل\المستأجر.
كما ترى فالخيارات متعددة في اختيارك للطريقة التي ستقسم وتختار بها شرائح عملاء مشروعك ولكن عند انتهائك من هذا المكون من مكونات نموذج العمل يجب أن يكون لديك إجابة عن عدة أسئلة منها:
- من هم العملاء الذين ستقدم لهم قيمة منتجك أو مشروعك؟
- ما هي الصفات المميزة لهؤلاء العملاء (احتياجاتهم، تفضيلاتهم، الأشياء التي يرفضونها، … إلخ)؟
- هل لديك شرائح عملاء متعددة؟ ما هي تصنيفاتهم؟
- هل منتجك يستهدف شرائح عملاء واسعة أم محدودة؟
2- عرض القيمة
عرض القيمة هو المكون الذي سيوضح كيف سيقوم مشروعك بتقديم قيمة مختلفة عن المعروض في السوق بالفعل أو عن الطريقة الحالية التي تستخدمها شرائح العملاء في حل المشكلة التي يفترض بمنتجك أن يقوم بحلها. بمعنى آخر، ما الذي سيجعل شرائح العملاء المستهدفة تختار منتجك دون غيره؟
عند تعريفك لعرض القيمة الخاص بنموذج عمل مشروعك، يجب أن تبدأ دوماًبتعريف وتحديد المشكلة أو مصدر الألم لدى المستهلك والذي سيقدك منتجك حل له.
الخطوة التالية هي تحديد الميزة التنافسية لمنتجك وهي القيمة المميزة لمنتجك التي لا توجد في أي منتج أو حل آخر. الميزة التنافسية هي التي سوف تجعل العميل المستهدف يختار منتجك ويترك الحل التقليدي المتاح بالفعل للمشكلة المعرفة في الخطوة السابقة.
قد تكون الميزة التنافسية لمنتجك هي سهولة طريقة استخدامه، أو سرعة توصيله للعملاء، أو وظيفة أو خاصية معينة غير موجودة في المنتجات والحلول الأخرى على سبيل المثال.
باكتمال مكون عرض القيمة يجب أن يكون لديك إجابات على الأسئلة الآتية:
- ما هي القيمة التي سنقدمها للعملاء؟
- ما هي المشكلة التي نحاول عرض حل لها؟
- كيف ستتميز القيمة المقدمة من مشروعك عن تلك التي يقوم بتقديمها المنافسين؟
3- قنوات التواصل
الآن وقد قمت بتعريف أول مكونين أساسيين من نموذج عمل مشروعك المستقبلي، شرائح العملاء وعرض القيمة، سوف تبدأ في تحديد قنوات التواصل التي سوف يستخدمها مشروعك في التواصل مع العملاء. في هذا المكون، يجب عليك اختيار القنوات المناسبة لشرائح العملاء التي اخترتها وأيضاً القنوات المناسبة للمراحل المختلفة من دورة حياة المشروع أو المنتج. بعد ذلك سوف تضع خطة مناسبة لتحقيق التكامل بين القنوات المختلفة التي قمت باختيارها ودمج البيانات الآتية من عدة قنوات لرفع كفاءة عمل هذه القنوات.
قنوات التواصل وشرائح العملاء
اختيار قنوات التواصل يعتمد بشكل أساسي على شرائح العملاء ومواصفاتهم حيث يتم اختيار القنوات الأنسب للتواصل مع هذه الفئة المحددة من العملاء. على سبيل المثال، عندما كانت المنافسة على خدمات التوصيل المشترك في الشرق الأوسط حصرية بين أوبر (شركة عالمية) وكريم (شركة إقليمية) كان من الواضح أن كريم هي الشركة التي تربح سباق قنوات التواصل بين الشركتين كونها شركة إقليمية وعلى دراية واسعة بطباع وتفضيلات عملاء منطقة الشرق الأوسط. اختارت كريم أن تتواصل مع عملائها عن طريق المكالمات الهاتفية بينما كانت أوبر تتواصل عن طريق قنوات لا يفضلها عملاء الشرق الأوسط مثل التطبيق والبريد الإلكتروني.
تكامل قنوات التواصل
بالطبع لن يقتصر تواصل مشروعك مع العملاء على قناة واحدة فقط بل ستكون لديك عدة قنوات للتواصل مثل أنظمة إدارة العلاقة مع العملاء، منصات التواصل الإجتماعي، الهاتف، البريد الإلكتروني، وتطبيق المشروع على سبيل المثال. حتى تحقق الهدف من قنوات التواصل -وهو التواصل الفعال مع عملائك- يجب أن تضع خطة توضح كيف سيتحقق التكامل بين القنوات المختلفة حتى يرى عملاؤك ان شركتك دائماً على اتصال ثابت بهم وحتى لا تفقد أية مراسلات بين شركتك وعملائها عن التنقل من قناة لأخرى.
القنوات ومراحل العملاء
اختيارك لقنوات التواصل يجب أن يعتمد أيضاً على المرحلة التي يتواجد فيها العملاء مع منتجك أو مشروعك. فمثلاً، قنوات التواصل التي ستسخدمها للوصل إلى عملاء محتملين تسعى إلى إقناعهم بمنتجك ستختلف حتماً عن تلك التي تستخدمها للتاصل مع عملاء فعليين قاموا بشراء المنتج ويبحثون عن الدعم من خدمة العملاء.
تعريف القنوات المختلفة لمراحل العملاء المختلفة أثناء وضع نموذج العمل سوف يوفر عليك الكثير من الوقت والجهد والمال في المستقبل مع الأخذ في الاعتبار أنه بإمكانك دائماً التعديل فيما بعد.
كفاءة قنوات التواصل
يجب أن يحتوي نموذج العمل أيضاً على طرق لقياس كفاءة القنوات وطرق لرفع هذه الكفاءة فيما بعد، ليس فقط فيما يخص التواصل المبدئي مع العملاء، بل في حل مشاكل العملاء كذلك.
مثال على قنوات التواصل ذات الكفاءة المنخفضة هو أن يقوم المشروع باستخدام البريد الإلكتروني او محادثات الروبوت chatbots في منطقة نائية لا توجد فيها خدمة انترنت قوية.
بعد تغطية كافة جوانب مكون قنوات التواصل يجب أن يكون لديك نموذج عمل قادر على الإجابة ععلى الأسئلة التالية:
- كيف سيتواصل المشروع مع العملاء المحتملين لعرض القيمة عليهم؟
- كيف سيتمكن مشروعك من توصيل القيمة المعروضة للعملاء؟
- كيف ستتمكن من استخدام قنوات التواصل بكفاءة عالية تبرر تكلفة تلك القنوات؟
4- العلاقة مع العملاء
العمل على تنمية علاقة جيدة بين مشروعك وعملاؤه هو أمر فائق الأهمية لنجاح المشروع واستمراره ونموه في السوق. العميل الموالي لمنتجك بإمكانه عمل دعايا شفهية لشركتك مما يؤدي لزيادة المبيعات والعملاء ولهذا يجب عليك تعريف علاقة مشروعك بعملائه وطرق إدارة هذه العلاقة في نموذج عمل المشروع ومن هنا تنبع أهمية هذا المكون: العلاقة مع العملاء.
أ. واحد من أهم العوامل التي يجب أن تبدأ بها في تعريف العلاقة مع العملاء هي خبرة المستخدم. تصميم مشروعك وعملياته بطريقة توفر أفضل خبرة ممكنة للمستخدم بدايةً من خبرة الشراء وحتى الدعم وطرق حل المشكلات سوف تعطي أكبر أثر في تكوين والمحافظة على علاقة ناجحة بين مشروعك والعملاء.
ب. وعلى ذكر طرق حل المشكلات، يجب عليك إدراك أن هذا الجانب على قدر من الأهمية انه يجب التعامل معه والتخطيط له كجانب منفصل من مكون العلاقة مع العملاء. بمعنى أنه يجب عليك وضع خطة تفصيلية لطريقة حل مشاكل العملاء حتى تتجنب الوقوع في الأخطاء في أحد أكثر النواحي حساسية في علاقة مشروعك بعملائه.
على سبيل المثال، تقوم أوبر بحل مشاكل وشكاوى عملائها بإرسال رسالة اعتذار للعميل عن طريق البريد الإلكتروني أو التطبيق وإضافة مبلغ صغير إلى محفظة العميل على التطبيق على سبيل الهدية الاعتذارية.
بينما تعتبر هذه طريقة جيدة لحل مشكلة صغيرة وضمان إعادة استخدام العميل للتطبيق في نفس الوقت، إلا إنها قد تعد طريقة سيئة إذا ما كانت مشكلة العميل هو رغبته في استرداد مبلغ مدفوع حيث يريد العميل في هذه الحالة الحصول على مال وليس على رصيد في محفظة التطبيق.
ج. تالياً، أثناء وضعك لخطة ادارة العلاقة مع العملاء يجب عليك أن تتذكر الجانب الإنساني من هذه العلاقة. تذكر أن التعامل البشري والشخصي مع العملاء له بالغ الأثر في زيادة معدلات ولائهم إلى مشروعك ومنتجك. فمثلاً، وجدت من خلال أبحاثي أن عملاء المقاهي الذين يتم أخذ أسماؤهم لكتابتها على أكواب القهوة لديهم ولاء للعلامة التجارية أكثر من هؤلاء الذين يحصلون على الخدمة عن طريق توزيع أرقام دون أي تعامل شخصي أو إنساني.
د. وأخيراً، يجب عليك التركيز على الفرق التي ستتعامل مع العملاء بشكل مباشر مثل فريق المبيعات والدعم بتوفير كافة سبل مساعدة العملاء وإثبات أن هدف شركتك الأساسي هو تحقيق سعادتهم.
تذكر أيضاً أن إدارة العلاقة مع العملاء سوف تؤثر بشكل مباشر على صورة علامتك التجارية في ذهن العملاء وفي السوق عامةً. لذا من المهم توضيح كافة تفاصيل هذا المكون في نموذج العمل وتوفير إجابة على الأسئلة التالية:
- كيف سيتعامل مشروعك مع شرائح العملاء المختلفة؟
- بأية كثافة سوف يتواصل مشروعك مع عملائه؟
- ما هو نوع العلاقة التي سيبنيها مشروعك مع العملاء؟
- ما هي الكقافة التي سيمد بها مشروعك عملاؤه بخدمات الدعم؟
5- الدخل
الآن وصلنا للهدف الرئيسي من رغبتك في بناء مشروع ووضع نموذج عمل له من البدء وهو تحقيق الدخل. لاحظ أنني أتحدث هنا عن تحقيق الدخل، لا الأرباح. بالتالي تستطيع أن تتخيل أن تحقيق الدخل يجب أن يكون الهدف الرئيسي لأية منظمة حتى لو كانت غير هادفة للربح حيث سيمكن هذا الدخل المنظمة من الاستمرار في العمل بتغطية تكاليفها.
من المقبول في بداية مشروعك ان تركز على مصدر دخل رئيسي واحد، ولكن يجب أن يتضمن نموذج عمل المشروع خططك المستقبلية للتوسع إلى أكثر من مصدر دخل وضمان استمرار المشروع ونموه.
في نموذج عمل المشروع يجب أن تحدد نقاط تحقيق الدخل وأن يجيب هذا المكون عن الأسئلة التالية:
- ما هي الطرق التي سيستخدمها المشروع لتحقيق دخل؟
- ما هي طرق الدفع والتقسيط المتاحة للعملاء؟
- ما هي شروط الدفع، إلغاء الطلبات، وسياسات الاسترجاع؟
- كيفية أو طرق تحقيق دخل ثابت للمشروع؟
- ما هي طرق تحقيق الدخل المستقبلية التي تنوي أن يتوسع مشروعك إليها حتى يتمكن من النمو؟
- ما هي الاستراتيجية التي سوف يتبعها المشروع في التسعير؟
6- الموارد أو المصادر
يجب أن يعرف نموذج المشروع كافة الموارد التي سيحتاج إليها المشروع ليس فقط لينطلق في السوق بل ليتمكن من النمو أيضاً. مكون الموارد يجب أن يحتوي على كل كل ما يحتاجه المشروع لتوفير وتوصيل القيمة المعروضة إلى المستهلك سواءاً كانت منتجاً أم خدمة.
سوف يتضمن هذا المكون الموارد الملموسة مثل بناء مبنى المصنع وغير الملموسة مثل بناء موقع إلكتروني أو تطبيق للهاتف المحمول. ستتضمن الموارد أيضاً كافة الفرق العاملة في المشروع لتوفير القيمة إلى المستهلك. فعلى سبيل المثال، قد تحتاج إلى توظيف فريق من المبرمجين، عاملي التوصيل، أو ممثلي خدمة العملاء.
بالطبع يعد أهم جزء من مكون الموارد هو التمويل الذي سيجعل مشروعك ممكناً من الأساس. يجب أن يحدد مكون الموارد التمويل المطلوب لإطلاق المشروع بالإضافة إلى تحديد مصدر هذا التمويل بدقة.
لتتأكد انك قد وفرت جميع تفاصيل الموارد في نموذج العمل، يجب أن يكون لديك على الأقل إجابة عن تلك الأسئلة:
- ما هي الأصول اللازمة لتحقيق وتوصيل القيمة الموضحة في عرض القيمة إلى العملاء؟
- ما هي الموارد غير الملموسة المطلوبة لتحقيق وتوصيل هذه القيمة؟
- ما هي الموارد البشرية المطلوبة لتحقيق وتوصيل هذه القيمة؟
- ما هي قيمة التمويل المطلوب لتحقيق وتوصيل القيمة؟ وما هو مصدر هذا التمويل؟
7- الأنشطة
يعد هذا المكون من أضخم مكونات نموذج العمل حيث يجب أن يتحوي على تفصيل لكل الأنشطة الأساسية التي سيقوم بها المشروع لإنتاج القيمة وإيصالها إلى شرائح العملاء. في هذا الجزء من نموذج العمل يجب شرح كل خطوة سوف يقوم بها المشروع منذ بدء بناء المصنع أو الموقع الإلكتروني، على سبيل المثال، وحتى مرحلة توصيل المنتج أو الخدمة وتقديم الدعم الفني لاحقاً.
يجب أيضاً أن يحتوي هذا المكون على الطريقة التي سيتبعها المشروع لحل مشاكل العملاء والمشاكل الداخلية وتفصيل الطرق المختلفة لحل المشاكل القادمة من مصادر مختلفة
يختص هذا المكون بالإجابة عن سؤال عام هو “كيف”، ويجب أن يكون لديك إجابات محددة للأسئلة التالية:
- كيف سيتم إدارة عمليات المشروع؟
- كيف سيقدم المشروع القيمة المعروضة للعملاء؟
- كيف سيقوم المشروع بإدارة عملية الانتاج؟
8- الشركاء
في مكون الشركاء يجب عليك تحديد كل طرف خارجي سيتعاون مع مشروعك لمساعدته على تقديم القيمة المعروضة للعملاء. سوف يتضمن هذا الجزء الموردين وقد يتضمن أيضاً أقسام معينة مثل إدارة الموارد البشرية أو خدمة العملاء إذا اخترت الاستعانة بمصادر خارجية للقيام هذه الوظائف عوضاً عن توظيف أشخاص داخل المشروع.
تعريف وتحديد شركاء مشروعك سوف يمكنك من تحسين المشروع وخطة العمل بشكل عام حيث سيجنبك بناء مشروع متضخم بجوانب لا داع لها مما سيوفر عليك وقت وجهد بإمكانك تركيزهما على العمليات والقيم الأساسية الخاصة بالمشروع والتي ستمكنه في النهاية من النمو والتوسع.
على سبيل المثال، إن لم يحتاج المشروع إلى توظيف كل الفرق داخلياً بإمكانك الاستعانة بمصادر خارجية للقيام بوظائف بعض الأقسام كما ذكرت من قبل، وبدلاً من إدارة 100 شخص سيكون عليك قيادة فريق من 10-20 شخص فقط مما يقلل تكاليف ومخاطر المشروع.
تحديد شركاء مشروعك هو صفقة رابحة لكل الأطراف لتحقيق التوسع واختراق أكبر للسوق.
مكون الشركاء يجب ان يوفر تفاصيل كل طرف خارجي متعاون مع المشروع، لذا يجب عليك التركيز على هذه الأسئلة:
- من هم شركاء مشروعك؟
- ما هي الأنشطة التي ستوكل إلى مصادر خارجية؟
- ما هي الموارد التي ستأتي عن طريق الشركاء؟
- ما هو المبرر لاختيار كل شريك فيما يخص التكلفة والقيمة المقدمة؟
9- التكلفة
هنا لا تركز فقط على الأرقام، بل على هيكل التكلفة ككل. حدد كل نقاط التكلفة الفردية التي يتطلبها مشروعك وقم بالتفريق بين التكلفة الثابتة والمتغيرة. قم بتحديد تكاليف التوسع المستقبلي حين تريد مشروعك أن يخترق شرائح عملاء جديدة أو دخول بلدان جديدة وكيف يمكن أن يؤثر هذا التوسع على هيكل التكلفة.
في هذا المكون أيضاً يجب عليك تعريف هيكل الأصول. فإذا كان مشروعك في حاجة إلى أصول ثابتة وثقيلة مثل معدات التصنيع فهل ستقوم بشراء هذا الأصول أم تأجيرها؟
هنا نجد لدينا هيكل الأصول الثقيل والذي يقوم المشروع فيه بشراء أصوله، وهيكل الأصول الخفيف الذي يؤجر فيه المشروع أصوله. وبعد هيكل الأصول الخفيف هو الأصلح في وضع السوق الحالي وتتبعه شركات الاقتصاد المشترك مثا أوبر وكريم لتقليل التكاليف ومعدلات التهالك ونسبة المخاطرة بشكل عام.
مكون هيكل التكاليف يجب أن يمدك بإجابة على الأسئلة الأساسية التالية:
- ما هو هيكل التكلفة الأساسي لمشروعك؟
- هل يحتاج هذا الهيكل لتحسين؟
- ما هو مبرر كل نقطة من نقاط هيكل التكلفة؟
- كيف يتصل كل من الموارد، والشركاء، والأنشطة، بهيكل تكلفة الشركة؟
- ما هي التكاليف الثابتة والتكاليف المتغيرة لمشروعك؟
الخلاصة
الآن وقد فهمت المكونات التسع لنموذج عمل المشروع، أصبح بإمكانك إنجاز أهم جزء من خطة بناء مشروعك الجديد وتستطيع الآن الحصول على رؤية واضحة لكل جوانب المشروع. ربما تكون لديك الآن فكرة أو رؤية عامة عن كيفية عمل جوانب معينة من مشروعك، ولكن نموذج العمل يمكنك من رؤية جميع الجوانب بكافة تفاصيلها حتى تتمكن من تحسين ما يمكن تحسينه وتجنب العقبات المحتملة في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، امتلاك نموذج عمل مفصل سوف يمكنك من شرح كافة أفكارك عن المشروع لفريقك، شركائك، مموليك، وعملائك!
قد يبدو العمل على نموذج عمل للمشروع عملية مملة ومضنية ولكن بمجرد فهم المكونات التسع ومتطلباتها، بإمكانك الحصول على لوحة نموذج الأعمال الشهيرة والبدء في إجابة أسئلة النموذج للحصول على صورة أوضح للمستقبل.