في عالمنا المعاصر، أصبح من الضروري أن تتعلم وتتحدث لغتين على الأقل لكي تستطيع النجاح والتفاعل في حياتك المهنية والاجتماعية أيضاُ. يعتقد البعض أنه من المستحيل تعلم لغة جديدة كشخص بالغ إن لم تكون محظوظاُ بما يكفي لتدرس وتتقن التحدث بعدة لغات في طفولتك. قد يبدأ العديد من الأشخاص تجربة تعلم لغة جديدة بحماس، ولكن بمرور الوقت، يفقدون الدافع والاهتمام ثم يتراجعون عن تعلم اللغة بشكل كامل.
أعتقد ان السبب الرئيسي الذي يجعل العديد من الأشخاص البالغين لا ينجحون في محاولاتهم لتعلم لغات جديدة هو عدم القدرة على معرفة كيفية القيام بهذه المهمة بنجاح حيث يقوم معظم الأشخاص بالسعي لتعلم اللغات بنفس الطريقة التي كانوا يتبعونها في فترة دراستهم بالمدارس حين كانوا أطفالاُ يتعلمون الإنجليزية أو الفرنسية كلغة ثانية على سبيل المثال، متجاهلين حقيقة أنهم لم يعودوا في الثانية عشرة من العمر وأن المخ البشري يتغير وتتغير قدراته ووظائفه بالتقدم في العمر. لا أقول هنا أن المخ البشري يصعب عليه تعلم لغة جديدة مع تقدمه في العمر، وإنما تختلف الطرق التي تمكنه من اكتساب لغة جديدة من مرحلة الطفولة إلى الشباب وما بعده.
الحقيقة أن مخ الإنسان قادر على تحقيق ما يظنه البعض معجزات ولديه القدرة على مرونة عالية في تعلم أشياء جديدة والاحتفاظ بمعلومات، ولكن هذه القدرات تتغير -ولا أقول تقل- بتقدم عمر الإنسان. هذا التغير يتطلب منا تغيير الطرق التي نتعلم بها مع تغير أعمارنا
يقول المثل الإنجليزي: “لا يمكنك تعليم كلب عجوز حيلة جديدة”. بينما يعتبر المعنى الحرفي لهذا المثل دقيق، إلا أن المثل يقصد البشر وليس الكلاب على وجه التحديد، لذا لا اتفق معه!
نستطيع القول أنه لا يمكنك تعليم كلب عجوز حيلة جديدة بنفس طريقة تعليم الجرو!
بعيداُ عن الكنايات والاستعارات، ما أريد قوله هنا هو أن طرق تعليم الأطفال لن تصلح لتعليم شخص في ال 25 او 35 من عمره لغة جديدة. لذا يجب عليك إيجاد الطريقة المناسبة لعمرك لكي تتعلم لغتك المفضلة بنجاح مهما كان عمرك.
في هذا المقال، سوف نستكشف معاه عدة طرق واستراتيجيات سوف تمكنك من إيجاد طريقك لتعلم لغة بنجاح وإيجادها كلغتلك الأم مهما كنت تعتبرها صعبة بمحاولة شرح طريقة معالجة المخ للغات والمناطق التي يستخدمها المخ في تعلم لغة ثانية أو ثالثة.
كيف يتصرف مخ الأنسان أثناء تعلم لغة جديدة؟
لنبدأ أولاُ بالمشكلة الكبرى: لماذا يصعب علينا تعلم لغة جديدة كلما تقدمنا في العمر؟ الإجابة تعدي بسيطة ومفاجئة في نفس الوقت.
بناءاُ على العديد من الأبحاث، وجد العلماء أن مراكز الاحتفاظ باللغة ومعالجتها في المخ بالنسبة للأطفال الذين يتعلمون لغة ثانية مختلفة عن المراكز التي يستخدمها المخ لحفظ اللغة عندما تتعلمها كشخص بالغ. أثناء مرحلة الطفولة، يخزن الطفل معلومات اللغة الثانية التي يتعلمها كالمفردات وقواعد اللغة وطريقة النطق في نفس المراكز التي يخزن فيها معلومات لغته الأم. بالتالي، نجد أن الأشخاص الذين تعلموا الإنجليزية، مثلاُ، خلال طفولتهم بشكل سليم ومتسق، يستطيعون استخدامها بنفس جودة استخدامهم للغة العربية، بل وبإمكانهم التفكير بها أيضاُ، ولكن سنفصل موضوع التفكير بلغة أجنبية لاحقاُ في هذا المقال.
أما عن البالغين الذين يتعلمون لغة ثانية، فيقوم المخ بتخزين مفردات وقواعد هذه اللغة في مراكز مختلفة عن اللغة الأم بناءاُ على هذه الدراسات.
من المعروف أن تخزين معلومات اللغات ومعالجة طرق نطقها يتم التحكم بها من الفص الأمامي والفص الصدغي الأير من المخ، ولكن الحقيقة أن هذا ينطبق فقط على اللغة الأم لكل فرد. بسبب تعقيد اللغة عموماً أياُ كانت هذه اللغة، تتضمن عملية تعلم لغة جديدة للبالغين تبادل بين نصفي المخ الأيمن والأيسر حيث تتغير المراكز المتحكمة في معالجة اللغة بناءاُ على المرحلة العمرية للفرد عند بدء تعلمه لهذه اللغة.
بناءاُ على هذا، يجب علينا استيعاب أن عملية معالجة اللغة في مخ الشخص البالغ تختلف تماماً عن معالجة اللغة في مخ الأطفال. بالتالي تصبح إجابة السؤال الذي طرحناه عن صعوبة تعلم اللغة للبالغين هي: أن تعلم اللغة للبالغين ليس صعباً وإنما هو فقط عملية مختلفة!
بإدراك هذه الحقيقة، يمكننا أن ننظر لقصص النجاح للعديد من البالغين الذين تعلموا لغات أجنبية بعد أعمار ال 25 و 30 وحتى ال 40 باعتبارها ليست معجزات وإنما دليل لنا في طريقنا لتحقيق المثل. هنا ندرك أن هؤلاء الأشخاص لا توجد لديهم قوى خارقة غامضة تمكنهم من تعلم اللغة بصورة أفضل من البقية، وإنما وجدوا الطريقة الصحيحة لتحقيق هذا الإنجاز مع الأخذ في الاعتبار عوامل العمر وتغير عمل المخ.
لاحقاً في هذا المقال سوف نرى بعض طرق تعلم اللغات الأجنبية، ولكن الآن يجب عليك أن تعرف الطريقة المثلى للتعلم بناءاً على الطريقة التي يفضلها مخك في التعلم.
كيف تتعرف على ما يحتاجه مخك لتعلم لغة جديدة؟
بينما قد تظن أنك تعرف بالفعل ما تحتاجه لتعلم لغة جديدة وهو تعلم الإنجليزية الخاصة بالأعمال أو Business English أو أن تحضر دورة لتعلم الإنجليزية التجارية Commercial English على سبيل المثال، دعني أخبرك منذ البداية أن هذا ليس هو ما أعنيه ولا هو الطريق الصحيح لتعلم اللغة.
يجب أن أوضح هنا أن الدورات الخاصة بتعليم لغة في تخصص معين مثل الإنجليزية التجارية أو الإنجليزية القانونية سوف تكون عديمة الفائدة في تطوير مخك بما يساعدك على تعلم اللغة نفسها لتتمكن من استخدامها بشكل طبيعي في أية محادثة أو موقف. بمعنى آخر، دورة الإنجليزية للأعمال (Business English) لن تمكنك من التحدث بجملة واحدة خارج غرفة الاجتماعات في شركتك.
لهذا أرى أنه يجب تعلم اللغة نفسها بعيداً عن أية تخصصات في البداية لتتمكن من التعبير عن أفكارك وما تريد قوله باللغة الجديدة قبل البدء في تعلم المصطلحات الخاصة بمجال معين كالأعمال أو التجارة أو القانون وسوف يأتي هذا في مرحلة لاحقة.
ما أعنيه عندما أتحدث عن تحديد احتياجات الفرد لتعلم اللغة هو البحث عن أفضل الطرق وأكثرها مناسبة لكي يتكيف هذا الفرد على استخدام اللغة الأجنبية كوسيلة للتواصل. بمعنى آخر، عليك معرفة ما الذي تحتاجه لكي تتمكن من استيعاب لغة والاحتفاظ بمعلوماتها كالأحرف والمفردات وطريقة النطق؟
في عملية تعليم اللغة للأطفال، تقع مهمة تحديد احتياجات المتعلم على عاتق المدرس، يحتاج البالغين من متعلمي اللغة أن يقوموا بتعريف وتحديد هذه الاحتياجات بأنفسهم من خلال عملية تقييم ذاتي.
عوامل تحديد إحتياجات تعلم اللغة للبالغين
عندما تبدأ بتحديد الاحتياجات الخاصة بك لتتعلم لغة جديدة، توجد ثلاثة عوامل أساسية يجب أن تركز عليها وهي: الوقت، وأسلوب التعلم، وسهولة الوصول لسبل التعليم.
- الوقت: يعد الفارق الرئيسي بين تعلم لغة جديدة كبالغ وبين الأطفال هو عامل الوقت، حيث يمكن أن يكرس الطفل كامل وقته للتعلم بينما يجب على البالغ تفريغ مساحات من وقته المشغول بعدة مسئوليات ليجد وقت للتعلم. لذا ذكرت الوقت باعتباره العامل الأول في تحديد احتياجاتك لتعلم لغة جديدة، ليس فقط من منظور كم من الوقت سوف تحتاجه للتعلم، بل أيضاً تحديد الوقت الذي تستطيع تخصيصه يومياً أو أسبوعياً لدروس اللغة أو لتعلم اللغة بأية وسيلة متاحة لك ومتناسبة مع احتياجاتك في التعلم. بهذا، سوف تتمكن من وضع جدول محدد ومن وضع توقعات بشكل واقعي لما يمكنك إنجازه فيما يتعلق بتعلم اللغة خلال هذا الوقت.
- أسلوب التعلم: يعد هذا العامل هو أشهر عوامل التعليم والتعلم بين المختصين في هذا المجال خلال العقد الأخير. يعتمد تحديد أسلوب التعلم الأمثل لمختلف المتعلمين على نموذج (VARK) أو ما يمكن أن نسميه مجازاً بال (ب س ق ح). يشتهر هذا النموذج بكثرة بين المعلمين وطلاب كليات التربية كما يعرفه كل من لديه طالب في المنزل. يقسم هذا النموذج، كما يبدو من اسمه، إلى أربعة أقسام أو فئات وهم: البصري، السمعي، القراءة\الكتابة، والحركي (أي التعلم عن طريق التجربة العملية). يمكنك أن تعلم أي من هذه الفئات هي الأنسب لك من أساليب التعلم من خلال هذا الاختبار. سوف تجد أيضاً أنه بإمكان الشخص الواحد الوقوع في أكثر من فئة في نموذج VARK وسيمكنك هذا من اختيار واحدة أو أكثر من وسائل تعلم اللغة التي تعتمد على الفئات التي تناسبك بناءاً على نتيجة الاختبار.
- سهولة الوصول: يتخطى عامل سهولة الوصول مجرد الحصول على أدوات التعلم مثل كمبيوتر أو انترنت لحضور دورات تدريبية أو مشاهدة فيديوهات تعليمية. يحتوي هذا العامل أيضاً على عنصر الاهتمام بأية صعوبات تعلم قد تكون لديك وتمثل حائلاً دون تعلمك للغة مثل عسر القراءة dyslexia. لذا يجب عليك أن تجد أفضل طريقة للتعلم في ظل هذه الصعوبات مثل اختيار مدرس أو بيئة تعلم تأخذ في حسبانها أية مشكلات لديك.
الآن وقد استطعت تعريف احتياجاتك الخاصة بتعلم لغة جديدة، يجب عليك أن تختار الطريقة والوسائل التي تناسب احتياجاتك بالشكل الأمثل. في الجزء التالي من المقال سوف اعرض عليك بعض تقنيات أو استراتيجيات التعلم التي قد تساعدك في تخطي حواجز تعلم لغة جديدة.
تقنيات تعلم اللغة الجديدة
بناءاً على نتيجة اختبار ال VARK الخاص بك سوف تتمكن من اختيار الوسائط المثلى لتعلم اللغة الجديدة التي اخترتها. فمثلاً، إذا كنت تتعلم بشكل أفضل عن طريق الوسائط البصرية، فيمكنك أن تتعلم من خلال مشاهدة أفلام أو فيديوهات تعليمية على الإنترنت لتتعلم مبادئ هذه اللغة وكيفية التحدث بها أيضاً.
المتعلمين الذين يعتمدون على الأصوات (aural) بإمكانهم الاستماع إلى إذاعات أو podcasts أو حتى أغاني باللغة التي يريدون تعلمها. أما إذا كنت تفضل التعلم عن طريق القراءة والكتابة فأنت محظوظ لأن أغلب وسائط تعلم اللغات التقليدية تأتي في شكل كتب تعليمية، كما يمكنك قراءة كتب متنوعة مكتوبة بهذه اللغة سواء كانت روايات أو في أية مجال عملي يثير اهتمامك. يمكنك أيضاً أن تبدأ في كتابة يومياتك باللغة الجديدة لتحفز نفسك على تعلم قواعد اللغة والبحث عن مفردات جديدة لتعبر بها عن أفكارك. وأخيراً، إذا كانت طريقة تعليمك المفضلة هي التعليم الحركي أو عن طريق التجربة العملية، فسيسهل عليك تعلم لغة جديدة عن طريق الانغماس في الثقافة التي تأتي منها هذه اللغة، فيمكنك مثلاً أن تتعلم طبخ أكلات من تلك الثقافة، أو متابعة إحدى الرياضات المحلية وحتى البدء في ممارستها، كما بإمكانك إما السفر إلى هذه الدولة أو التواصل مع أهلها عن طريق الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لتتعلم التحدث باللغة الجديدة عن طريق خبرات فعلية ناتجة عن الاحتكاك بأهل هذه اللغة.
حيل بسيطة لتعلم لغة جديدة
يجب أن تدرك حقيقة أن تعلم أي لغة على ظهر هذا الكوكب لا تتمركز حول نطق الكلمات وإصدار الأصوات بطريقة دقيقة مماثلة لأهل اللغة، وإنما تتمركز حول تنمية قدرتك على التعبير عن أفكارك بشكل محكم ومتسق باستخدام هذه اللغة الجديدة. لذا، من الهام أن تبذل جهداً في الانغماس في ثقافة الدولة أو الدول التي تحاول تعلم لغتها حتى تتمكن من فهم طريقة تفكير أهل هذه اللغة وتستقبل لغتهم على مستوى إنساني ومن وجهة نظر نفسية. إذن كان لديك مستوى ذكاء ثقافي عالٍ، سوف تتمكن من خوض هذه الرحلة بسهولة، وفي جميع الأحوال، التركيز على هدفك والاهتمام الحقيقي وبذل الجهد لتحقيقه سوف يمكنك من الوصول!
يمكنك أيضاً الاعتماد على بعض الحيل البسيطة التي ستساعدك على تعلم اللغة واستيعابها بشكل أفضل مثل:
- الاستماع للاغنيات والاذاعات المختلفة في الموضوعات التي تهمك بهذه اللغة
- مشاهدة الأفلام والمسلسلات من ثقاقة اللغة
- زيارة الدولة التي تتحدث باللغة التي تريد تعلمها
- قراءة كتب الأطفال بهذه اللغة حيث ستتمكن من رؤية صور تشرح الكلمات والجمل المختلفة
- التدرب على التحدث بهذه اللغة مع غيرك من المتعلمين
كيف تتعلم التفكير بلغة مختلفة؟
يقول ألبرت أينشتاين أن التعليم ليس عبارة عن حفظ المعلومات والحقائق، بل هو تدريب للعقل على التفكير. بما إن اللغة، كوسيلة للتواصل، متعلقة بشكل مباشر بطريقة التفكير، سوف تتمكن من التحدث والتعبير بلغة أجنبية بشكل أفضل إذا كنت تفكير بهذه اللغة مقابل التفكير بلغتك الأم ومحاولة الترجمة للغة الأجنبية في ذهنك. ولكن، كيف يمكنك تدريب عقلك على التفكير بلغة مختلفة؟
بناءاً على نظرية نسبية اللغة لسابير-وورف، فإن منظور الإنسان ورؤيته للعالم بشكل عام يتأثر مباشرة باللغة التي يتحدثها. ولقد رأينا جميعاً تطبيق لهذه النظرية، وإن كان في عالم الخيال، في فيلم الوصول Arrival حيث يتغير منظور البطلة، د. لويز بانكس، للوقت، فتتطور قدرتها من استيعاب الوقت بشكل خطي حيث ترى الأحداث في شكل (ماضي-حاضر-مستقبل) بسبب أن اللغات البشرية كلها تتبع هذا المنظور الخطي، إلى قدرتها على رؤية العالم من بعد رابع هو بعد الزمن بعد أن تعلمت لغة الفضائيين الزائرين والتي تعتمد على منظور دائري يوضح الصورة بشكل كامل في نفس الوقت، فأصبحت البطلة قادرة على رؤية هذا البعد الجديد بفضل فهمها للغة الجديدة فأصبحت بالتالي قادرة على رؤية واختبار الماضي والحاضر والمستقبل معاً في نفس اللحظة في صورة كاملة.
بعيداً عن روعة هذا الفيلم، لا يمكن في الواقع أن يغير تعلمك للغة جديدة من استيعابك لمفهوم الزمن، ولكن بإمكانه بكل تأكيد أن يساعدك على رؤية الحياة من منظور أهل هذه اللغة بما يمكنك من التفكير بطريقتهم ولغتهم فلا تعود بحاجة لترجمة الأفكار في ذهنك قبل التحديث بلغة أجنبية.
بمجرد أن تتمكن من تحقيق ذلك، وأؤكد لك أنه بإمكانك تحقيقه، سيصبح التحدث بلغة أجنبية في غاية السهولة والسرعة لأنك قد تخطيت خطوة الترجمة وإحساس الغرابة الذي قد يتملك الاخرين عند محاولتهم التحدث بلغة غير لغتهم الأم.
كيف تختار لغتك الثانية (اختيار لغة أجنبية لتتعلمها)
أغلب الظن أنك قد أتيت إلى هذا المقال لكي تجد أفضل الوسائل لتلم لغة أجنبية بعد أن اخترت اللغة التي تريد تعلمها بالفعل. وسواء أكنت اخترت الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو حتى العربية لتتعلمها كلغة ثانية، من الهام أن أوضح لك هنا أن لغتك الأم قد تلعب دوراً هاما في اختيار اللغة التي يمكنك تعلمها كلغة ثانية بسهولة.
يعتبر عامل اللغة الأم في تعلم لغة ثانية على قدر من الأهمية لأنك إذا كنت مثلي ولا تفضل دراسة اللغات وتواجه صعوبة في تعلم لغة أجنبية، سوف يساعدك اختيار لغة بناءاً على لغتك الأم لقطع شوط كبير في تعلم اللغة بسهولة مما سوف يعطيك الحافز على الاستمرار إلى أن تصل إلى مرحلة إتقان اللغة الجديدة.
باختصار، إن اخترت لغة أجنبية قريبة من أو تشترك مع لغتك الأم في جذورها، سوف تتعلم هذه اللغة الأجنبية بشكل أسرع. فعلى سبيل المثال، المتحدثين باللغة الأنجليزية يجدون أنه من الأسهل تعلم الإسبانية أو الإيطالية حيث تعد الثلاث لغات مشتقاد من نفس الجذور وهي اللغة اللاتينية. بالمثل، فإنه يسهل على الناطقين باللغة العربية أن يتعلموا الفارسية حيث تشترك اللغات في الجذور والأبجدية. الغريب هنا أنه يسهل على الناطقين بالعربية تعلم الأسباينة رغم أن اللغتان لا تشتركان في جذر واحد، فلماذا؟
السبب هو أن اللغتان تشتركان في كثير من الألفاظ والمسميات وحتى طريقة النطق بسبب تأثير فترة الحكم العربي الإسلامي لإسبانيا أو ما يعرف بدولة الأندلس. بشكل ما يمكننا القول أن جميع المتحدثين بالعربية يعرفون القليل من الإسبانية والعكس!
هنا طبعاً يجب أن أذكر أن ألفتك للغة أو اشتراكها في بعض الخصائص مع لغتك الأم سوف يصبح عامل غير ذي تأثير إذا ما كنت مهتم بلغة محددة أو ثقافة معينة تود أن تتعلم لغتها لتعمق معرفتك بها. لذا، يمكنك أن تتخطى خطوة البحث عن جذور اللغة وتنتقل مباشرة لتعلم اللغة التي قد اخترتها. بشكل شخصي، لدي العديد من الأصدقاء من أصول عربية الذين اختاروا تعلم لغات مختلفة تماماً عن اللغة العربية مثل اليابانية أو الصينية دون تعثر كبير بفضل اهتمامهم وإعجابهم بهذه الثقافات وحضاراتها القديمة.
إذا كنت مازلت لا تستطيع تحديد اللغة التي تود دراستها، توجد العديد من الاختبارات الممتعة التي سوف تساعدك على ترشيح اللغة الأنسب لك بناءاً على شخصيتك وتفضيلاتك في مختلف جوانب الحياة بعيداً عن قاعدة اللغة الأم التي ذكرتها من قبل.
تطبيقات تعلم اللغات
إذا كنت أنهيت مرحلة الإعداد من توفير أدوات التعلم وتخصيص وقت يومياً أو أسبوعياً لتعلم لغة جديدة وتعرفت على احتياجاتك لتعلم لغة جديدة، فقد حان الوقت لتبدأ مرحلة التنفيذ. من حسن حظنا أن العالم قد تغير كثيراً وأصبح بإمكانك تعلم اللغة في أي وقت تريد دون التقييد بمواعيد حضور دورات أو حصص تعليمية. باستخدام تطبيقات تعليم اللغات سوف تتمكن من التعلم بشكل مرن ومخصص لاحتياجاتك الشخصية. هذه هي التطبيقات التي أفضلها بشكل شخصي في تعلم اللغات ويمكنها أن تصنع فارق في رحلتك للتحدث بلغة أجنبية.
كامبلي (Cambly)
اخترت كابملي ليكون هو أول تطبيق لتعليم اللغة الإنجليزية على هذه القائمة لأنه يحتوي على معظم إن لم يكن جميع العوامل التي ذكرتها خلال هذا المقال والتي تجعل تجربة تعلم اللغة أفضل وأسهل وأكثر فاعلية.
أولاً، سيمكنك كامبلي من التدريب على المحادثة مع متحدثين باللغة الإنجليزية كلغة أم مع خبرة بتعليم اللغة نفسها بالإضافة إلى خبرات في عالم الأعمال إن كان ما تبحث عنه هو تعلم الإنجليزية من أجل التقدم في مسارك الوظيفي. يوجد لدى كامبلي خيار أن تتعلم الإنجليزية الخاصة بالأعمال Business English ولكن بإمكانك أيضاً أن تتعلم اللغة بشكل عام وتتعلم المصطلحات الخاصة بمجال معين خلال دورة شاملة للغة.
ثانياً: يمكنك اختيار المحاضرات أو الدروس بناءاً على المستوى، والموضوع، والمدرس بعد أن تطلع على كافة التفاصيل الخاصة بتلك النقاط الثلاث. يمكنك أيضاً أن تحصل على عروض لتعليم المجموعات كما ستجد منصة خاصر بتعليم الأطفال من عمر الرابعة لتساعد طفلك على تعلم لغة ثانية منذ عمر مبكر لتتخزن في نفس مراكز اللغة الأم في المخ كما ذكرت سابقاً في هذا المقال.
هاللو توك (HelloTalk)
يستخدم هاللو توك طريقة مثيرة للإهتمام لتعلم اللغة وتشبه إلى حد كبير طريقة كامبلي حيث أنها تعتمد على التحدث إلى المتحدثين بهذه اللغة والتفاعل معهم للتعلم منهم. يعد الفرق الرئيسي بين التطبيقين هو أن هاللوتوك به لغات متنوعة أكثر من مجرد الإنجليزية كما في كامبلي كما أن هاللو توك يعتمد على التحدث إلى أشخاص عاديون يتحدوثون اللغة التي ترغب في تعلمها بينما يعتمد كامبلي على معلمين لغة معتمدين. لذا يجب عليك أن توازن العوامل المختلفة وتختار التطبيق الذي يناسب احتياجاتك أكثر.
نستطيع اعتبار أن هاللوتوك مناسب للأشخاص الذين يعرفون مبادئ لغة معينة وقواعدها الأساسية ويهدفون إلى تنمية قدراتهم في استخدام هذه اللغة عن طريق اجراء محادثات مع اهل هذه اللغة.
بابل (Babble)
إذا مازلت في مرحلة تعلم مبادئ اللغة أو تريد تعلم لغة عريبة عن ثقافتك تمام، فإن بابل هو التطبيق الأشهر لتعليمك أية لغة من نقطة الصفر. يركز هذا التطبيق على تعليم الكلمات وجمل الحوار الأساسية. بينما يتبع بابل طريقة تقليدية في التعليم، فإنه يحتوي على ميزة هامة وهي أنه يسمح للمستخدم أن يبتكر مواقف مخصصة ليتعلم أساسيات الحوار في تلك المواقف والسيناريوهات المختلفة. أعتبر أن هذا التطبيق هو خطوة أولى جيدة للبدء قبل الانتقال إلى التطبيقات المتقدمة مثل كامبلي أو هاللوتوك.
دولينجو (Duolingo)
بالطبع لا أستطيع ألا أذكر دولينجو في هذه القائمة. بينما يعد هذا التطبيق هو الأفضل لتعلم مفردات أية لغة تقريباً على وجه الأرض، إلى أنني أجده ليس الأفضل لتعلم حتى أساسيات الحوار والمحادثة. رغم ذلك، أذكره هنا لسببين بعيداً عن أنه التطبيق الأشهر لتعليم اللغة على الإطلاق. أولاً، يعتبر هذا التطبيق هو الأفضل لتعليم الأطفال مبادئ أية لغة كالأحرف والضمائر والكلمات الأساسية لأنه يشبه الألعاب. السبب الثاني هو أنه بإمكانك تعلم لغات خيالية على هذا التطبيق مثل لغة الدوثراكي أو الفاليري من صراع العروش، أو لغة الكلينجون من ستار تريك.
نقطة ضعف متعلمي اللغة الثانية: ما يجب عليك تجنبه أثناء تعلم لغة أجنبية
بالنسبة لي في البداية، كان تعلم لغة جديدة يعتبر تحدي كبير حتى وجدت المعلم الأمثل الذي فهم احتياجاتي ووجد الطرق المثلى لتعليمي. إن كنت تواجه موقف شبيه بموقفي في الماضي، فعليك ألا تيأس. تعلم لغة جديدة لا علاقة له بالسن ولكنه يعتمد بشكل كامل على الطريقة والاستراتيجية واستعدادك لتقبل لغات معينة دون غيرها. لذا، أول شيء يجب عليك تجنبه عند البدء في تعلم لغة جديدة هو اليأس.
ثانياً، يجب أن تكون شجاعاً، بل ومتهور إلى حد ما! عندما أرى كيف يقوم الكثير من الناس بانتقاد طريقة نطق اللغات الأجنبية عند الآخرين، أتفهم لماذا يتأثر البعض ويصابون بالخجل الذي يمنعهم من التحدث بلغات أجنبية أمام الآخرين مما يؤثر بالتأكيد على عملية التعلم بشكل سلبي، وقد يجعل البعض يتوقفون عن التعلم تماماً.
لذا يجب أن تعطي نفسك الفرصة لتتعثر في النطق وتتحدث تدريجياً وترتكب الأخطاء كطفل يتعلم الكلام لأول مرة. ليس من المهم أن تكون لهجتك مثالية وفي بعض الأحيان، ليس مطلوب منك لهجة صحيحة على الإطلاق!
بالعودة لمثال الطفل الذي يتعلم الكلام لأول مرة بلغته الأم، بالنسبة لذلك الطفل عندما يريد أن يخبرك شيئاً ما، فلا يهم كيف يقوم بصياغة أفكاره وطريقته في التعبير بالتأكيد لا تتميز بالفصاحة أو حتى الجودة أيا ما كانت اللغة التي يستعملها. كل ما يهم بالنسبة للطفل هو أن ينجح في إيصال المعنى لمن يحدثه، ويجب أن يكون هذا هو ما يهمك عندما تتعلم لغة جديدة أيضاً.
ما يهم بالنسبة لك هو بناء جمل صحيحة وإيصال المعنى بطريقة دقيقة لتعبر عما تريد قوله أيا كانت الطريقة التي ستقوله بها.
كل لغة، وأشهرهم الإنجليزية، تحتوي على عدة لهجات بها الكثير من طرق النطق الغريبة التي قد تثير ضحك حتى أهل هذه اللغة من مناطق مختلفة. لذا، أين توجد المشكلة إذا تحدث شخص أجنبي هذه اللغة بلهجته الخاصة؟ في رأيي، لا توجد مشكلة على الإطلاق، بل هي طبيعة الأشياء!
لذا، إبدأ الآن بتنزيل تطبيق لتعلم لغة جديدة لتستثمر في نفسك ومهاراتك وثق في قدراتك لتستطيع الاستمتاع بنجاحاتك!